وإن توقف الاستيطان ؟ هل تطبعون
نقلت وسائل الإعلام العالمية يوم الاثنين الأخير عن السيد عمرو موسى نفيه أن هناك دولا عربية مستعدة للتطبيع مع إالعدو واستقبال رجال أعمال صهيونييين على أراضيها لتسويق بضاعتهم ما لم يتم وقف الاستيطان ، وفي نفس الوقت نقل عن السيد موسى انه لن يكون هناك تطبيع مع إسرائيل ما لم تتوقف عن الاستيطان .
السيد عمرو موسى طبعا ليس جديدا في السياسة ، وليس جاهلا في سراديبها ومتاهاتها ، بل انه يملك من الحنكة السياسية ما يجعله يستطيع أن يتخلص من أكثر المواقف إحراجا ، أليس هو وزير خارجية جمهورية مصر العربية الأسبق ، ثم أليس هو الأمين العام لجامعة الدول العربية ، وهو منصب يتطلب من الكفاءات العالية ما يجعل صاحبه على قدر كاف من الحنكة تمكنه من القدرة على التوفيق بين واحدة وعشرين دولة عربية رغم كثير من التناقضات وتقاطع المصالح .
لكل ذلك فان التصريح الذي أدلى به السيد موسى لا يجب النظر إليه على انه خطأ سياسي أو هفوة وقع بها ، بل يجب التطرق إليه بكل الجدية وان السيد عمرو قصد ما يقول ، وعليه فيمكننا أن نفهم انه بتصريحه هذا قد تنازل عن الدولة الفلسطينية المستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشريف ، بعد أن كانت جامعة العروبة قد تنازلت عن الدولة الفلسطينية التي كانت تطالب بها سابقا في فلسطين التاريخية ، ويمكن أن يفهم منه أيضا أن السيد عمرو موسى قد وافق على المطالب الإسرائيلية بالاعتراف بيهودية إسرائيل وهو ما يعني استعداده واستعداد الجامعة العربية التي يشغل منصب الأمين العام لها لقبول تهجير فلسطينيي الداخل من أوطانهم ، وإلغاء حق العودة لستة ملايين فلسطيني هجرتهم آلة البطش والقتل الإسرائيلية عن بيوتهم وبلدانهم إسهاما منه وممن يمثل في ترسيخ واقع تطالب المؤسسة الإسرائيلية المجتمع الدولي بالاعتراف به ، وهو قد قدمه بتصريحه على طبق من فضة .
إن بناء المستوطنات في الضفة الغربية منذ بدأته إسرائيل في سنوات الستين واقره قضاؤها في سنوات السبعين ودعمه ما يطلق عليه اليسار الإسرائيلي بكل قوته ( حزب العمل ) إن هذا البناء لم يتوقف أبدا فهو مستمر في زمن كل الحكومات سواء تلك التي أدارها حزب العمل أو الليكود أو كاديما ، وان مطالبة الرئيس الأمريكي باراك اوباما للدول العربية بعدم ربط التطبيع مع المؤسسة الإسرائيلية بوقف الاستيطان ، وان تصريح السيد عمرو موسى انه لن يكون هناك تطبيع مع المؤسسة الإسرائيلية ما لم يتم وقف الاستيطان لهو اكبر طعنة في ظهر القضية الفلسطينية قضية الأمة الإسلامية والعالم العربي .
أن التطبيع أصلا مع المؤسسةالصهيونية التي تحتل الأرض الفلسطينية ، وتنهب الحقوق الفلسطينية وتحتل مدينة القدس الشريف ومسجدها المبارك ، بل وتنتهك حرمته صباح مساء عبر منع المسلمين من دخوله متى تشاء ، وعبر اقتحام الجماعات اليهودية له يوميا واقتراف المحرمات داخله ، سواء كان ذلك شرب الخمر أو إتيان الطقوس الدينية اليهودية فيه ، أو تبادل القبل بين الشباب والصبايا المقتحمين له في ساحاته ، وان التطبيع أصلا مع من ما يزال يحاصر مليونا ونصف المليون من شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة ويجوعهم حتى الموت ويمنع مرضاهم من تلقي العلاج ، ويشن عليهم الحرب تلو الحرب ، وان التطبيع مع من يزال يطالبنا ويطالب الفلسطينيين والعالم اجمع بالاعتراف بيهودية المؤسسة على حساب تهجيرنا وطردنا من بيوتنا وفق هذا المفهوم وعلى حساب إلغاء حق عودة اللاجئين ، إن التطبيع أصلا مع المؤسسة الإسرائيلية مرفوض مبدأ ، فكيف يا حضرة الأمين العام لجامعة الدول العربية إذا كان هذا التطبيع مع مؤسسة هذا شأنها . أخشى ما نخشاه أن يرجو العرب غدا المؤسسة الإسرائيلية بالسماح لهم بان يطبعوا علاقاتهم معها ، وان تسمح لهم بزيارة شواطئ تل - أبيب ، فالذي بدأ التنازل لن يجد نفسه إلا في حالة من الكآبة والضياع يرثى لها .