يعاني نصف الألمان من اضطراب النوم، حسب إحصائيات أكاديمية النوم والصحة الألمانية، في ريجنزبورغ (جنوب)، إلا أن النساء يعانين من اضطراب أشد يجعلهن أكثر عرضة من الرجال للمضاعفات الناجمة عن قلة النوم والممتدة بين الاكتئاب والبدانة وضعف الذاكرة.
ويقول البروفسور يورجن زولاي، من جامعة ريجنزبورغ، إن اضطراب النوم لا يكبح إفراز الهرمون الكابح للجوع فحسب، وإنما يؤثر في الذاكرة ويضعف مناعة الجسم البشري أيضا. وأجرى زولاي، الذي يترأس أكاديمية النوم والصحة أيضا، دراسة في مختبرات الجامعة على 400 امرأة ورجل يعانون من اضطراب النوم وتوصل إلى أن 42 في المائة منهم يعانون من اضطراب يومي في النوم، وأن 15 في المائة منهم يعانون من اضطراب شديد في النوم يؤثر في صحتهم وحياتهم اليومية. ويمكن الحديث عن اضطراب «شديد» في النوم حينما تؤثر الظاهرة على نشاط الإنسان أثناء النهار وعمله وعلاقاته.
ولا يزيد عدد ساعات نوم المعانين من قلة النوم على 3 إلى 4 ساعات يوميا، ويستيقظون عادة في ساعات الصباح الأولى ويتعذر عليهم النوم بعدها. وتشتد الحالة عند وجود موعد صباحي، أو مواجهة طلب عمل، أو امتحان، وتؤدي بالتالي إلى إخفاق المرشح للعمل. وهذا ليس إلا واحدا من المضاعفات الاجتماعية التي تمتد بين مشكلات البيت والعمل التي تتفاقم بسبب قلة النوم.
* نساء ورجال
* وحسب نتائج الدراسة التي أجراها زولاي، فعدد النساء اللاتي يعانين من قلة النوم يساوي ضعف عدد الرجال. ويقول: «لا أقول إن الرجال ينامون أفضل من النساء، ولكنني أعتقد أن النساء أكثر حساسية من الرجال بالعلاقة مع المحيط». وطبيعي فإن هذه المعاناة تنعكس في شكل الكثير من الكيلوغرامات الزائدة في الوزن، المزيد من العصبية في التعامل، والكثير الكثير من الاكتئاب. وتزداد الحالة صعوبة لدى النساء اللاتي يربين أطفالا صغارا لأن أي حركة في البيت تدفعهن للاستيقاظ والتأكد من أن الحركة لم تنجم عن الصغار.
وقام البروفسور زولاي بقياس مستويات هرمون «ليبتين»، الكابح للجوع، في دماء المرضى، فوجد نسبا عالية منه وخصوصا في دماء النساء. وطبيعي تدور المرأة هنا في دائرة مفرغة، فقلة النوم تؤدي إلى الشعور بالجوع، ويؤدي الشعور بالجوع إلى الاستيقاظ، ثم يؤدي الأكل مساء إلى مزيد من الكآبة والشعور بالذنب والمزيد من البدانة. واعترفت جميع المتطوعات في التجربة بأن الاستيقاظ وعدم القدرة على النوم «يدفعهم لا شعوريا إلى الثلاجة» بحثا عما يؤكل.
وتقول أندريا هنتزة، التي شاركت في التجربة، إن وزنها زاد 5 كيلوغرامات خلال 3 سنوات بسبب ترددها الليلي على الثلاجة. والغريب أن المرأة تنام بعد ثوان من وضع رأسها على الوسادة، إلا أنها تستيقظ بعد 3 ساعات وتعجز عن النوم بعدها. وتضيف: «حينما أنام يوما حتى الصباح بلا انقطاع أشعر وكأنني ملكة في اليوم الثاني، لكن ذلك لا يحدث سوى مرة واحدة في السنة، مع الأسف».
* قلة النوم والزكام
* وللتأكد من تأثير قلة النوم على مناعة جسم الإنسان تابعت التجربة صحة المتطوعين طوال 4 أشهر وتوصلت إلى أن قلة النوم جعلتهم أكثر عرضة للزكام. وهكذا أصاب الزكام المصابين بقلة نوم شديدة، ضعف ما أصاب به المعانين من اضطراب النوم، وكانت نسبة المعانيات من الزكام بين النساء، من جديد، ضعف الرجال. وطبيعي فقد تعرض المعانون من اضطراب النوم إلى إضعاف حالات الزكام التي تعرض لها آخرون في مجموعة مقارنة ضمت أفرادا لا يعانون من قلة النوم. عدا عن ذلك، فقد ثبتت معاناة المرضى من ضعف الذاكرة وضعف التركيز الذي يؤدي، مع مرور الوقت، إلى حالة من النسيان تشبه الخرف الناجم عن «ألزهايمر».
وحقق زولاي تحسنا ملحوظا مع مرضاه في ما يخص ساعات النوم، وذلك من خلال الإجراءات التالية:
* الذهاب يوميا في نفس الوقت إلى السرير.
* النوم بشباك صغير مفتوح، الحفاظ على درجة حرارة غرفة تتراوح بين 14 ـ 18 درجة مئوية.
* الابتعاد عن الأقراص المنومة قدر الإمكان خشية الإدمان.
ومن لا يتحسن يمكنه زيارة مختبر النوم والبحث عن بدائل. وأشار زولاي إلى أن معدل النوم الصحي، حسب سن الشخص، هو سبع ساعات، وأن أي معدل نوم أقل، وبشكل مستمر، يعتبر اضطرابا في النوم سيؤدي لا محالة إلى اضطرابات صحية وعقلية. وأضاف: «كان أينشتاين ينام 12 ساعة كمعدل يومي»، وهي أحد أهم أسرار قدرته الهائلة على العمل والتفكير طوال الساعات الـ12 المتبقية